الأربعاء، 21 مارس 2018

كاذية العمانية

كاذية العمانية
(منذ الصغر كنت اراقب والدتي (رحمة الله عليها) في عمل البخور و العطور.فقد كانت تهوى عمل البخور و العطور للاستعمال الشخصي, وتمارسها أيضا من باب التسلية و قضاء وقتها فيما تحب). #ميمونة_الحسنية (أُم يعرب)
كلمات جميلة,ذات معاني عميقة جعلتني أشرد في عالم الذكريات الجميلة.. والحياة البسيطة الخالية من التكلّف و المليئة بالعفوية و البراءة...
كنّا ندرس معا في نفس المدرسة ( مدرسة دوحة الأدب الثانوية للبنات) , كانت صداقتنا سطحية. بمعنى نسلّم على البعض في الممرات أو أحيانا نكتفي بالابتسامة من باب السلام و التحية. كل الذي كنت اعرفه عنها بأنها مجتهدة جدا في دراستها و متميّزة و تسعى دائما بأن تحصل على الدرجات العالية. مرّت الايام و انهينا المرحلة الثانوية بنجاح ولله الحمد وبدأ كل طالب و طالبة رحلة البحث عن المستقبل الجميل الذي كنّا نحلم به...
أذكر أنني كنت بالأردن عند سكن الطالبات و تحديدا بباص خاص للطلبة انتظر الدفعة الثانية من الطالبات وبعدها نتّجه الى مدينة إربد لبدأ مشوار الدراسة الجامعية. وانا بالباص تفاجأت بدخول ميمونة الحسنية الباص! :-) .. أحسست براحة نفسية لوجودها خصوصا في الغربة.. و الحمدلله ومع الوقت توطدت الصداقة واصبحنا مقربات منذ ذلك اليوم .
شخصّيتها تتمثل في صراحتها في إبداء رأيها و تمسّكها فيما تراه صوابا!, في عفويتها في طرح الامور و روحها المرحة. في بساطتها في كل شيء وهذا هو سرّ تميّزها فيما تفعله.
في عام 2000 أخبرتني :أودّ أن اعمل في العطور و البخور
قلت لها: ممتاز, أشجعك و عسى تكوني أحسن عن أجمل و القرشي.
قالت : هههه ان شاء الله, الله يسمع منّك.
انشغل الجميع بحياتهم وبناء مستقبلهم, وانشغلت كذلك أم يعرب وبنفس الوقت اتجهت أم يعرب نحو تحقيق حلمها ودخول عالم البخور و العطور و الخلطات.. (عالم كبير وعميق يعتمد عليك ومدى تعمّقك فيه) كما تصفه..
تقول أم يعرب: أذكّرك بأنني أم ولي التزاماتي كأم وزوجة لذا بداياتي ليست بسهلة حيث أنني أسعى بكل جهدي التوفيق بين البيت و الحرفة و عملي كموظفة أيضاً. أعلم بأن تحديات كثيرة قد تواجه المرأة الأم الموظفة . ولكن لا شيء يغلب الإرادة. أكرمني الله بعائلة تمدّني بالدعم المعنوي والذي اعتبره أساس الانجاز الذي حقّقته حتى الآن ولله الحمد. وحتما اتطلع لتحقيق المزيد و الوصول الى الهدف.
أحب الاعمال اليدوية بشكل عام. أحب اعمل شي بيدي أيا كانت الحرفة!. فأردت أن أعمل شيء لنفسي, لذاتي, أردت أن أكون متميّزة.. في البداية واجهت صعوبة في الخلطات و طريقة اعدادها فقد كنت اتخلص من كل خلطة اعدّها ولا تعجبني! كنت أبحث عن ما يشبّع فيني إحساس الرضا بما صنعته أو أنتجته. وطبعا و كالعادة بدأت بتوزيع منتجاتي على اهلي و أقاربي..و كنت ألاقي قبولا ومديحا جميلا منهم , مما شجّعني على مواصلة و احتراف الحِرفة.
من الصعوبات الاخرى التي واجهتها وما زلت أواجهها هو ارتفاع اسعار المواد الخام و بشكل يكاد يكون مستمر خصوصا بالفترة الاخيرة ربما بسبب الاحوال الاقتصادية بالمنطقة و بالعالم. وذلك يفرض عليّ احيانا بأن ارفع من السعر قليلا. وقد تكون هذه المسألة يغفل عنها الناس ولا ألومهم على ذلك طبعا لأن الزبون من حقّه أيضا أن ياخذ ما يناسبه من حيث السعر أو النوعية و غيره.. لذلك أسعى جاهدة بأن تكون الزيادة خفيفة.
حبّي و تعلّقي لهذه الحرفة قد أكون اكتسبتها من الوالدة ( رحمة الله عليها) . أبحر في عالم العطور و العود أغوص في مكوّناتها ومنها تأتي الخلطات المتنوّعة.
ايضا في البدايات واجهت صعوبة عرض منتوجاتي ,الوصول للناس و التوزيع ولكن مع الوقت إعتمدت وسائل التواصل الإجتماعي لعرض منتجاتي .
اعمل بالبيت طبعا في اوقات الفراغ خصوصا بعطلة نهاية الاسبوع وأقوم بكل الاعمال بنفسي من التجهيز و التحضير و الاعداد للخلطات .. حتى التعبئة. وذلك يتطلّب منّي جهدا كبيرا جدا خصوصا وأنني لست متفرّغة. وأحاول قدر المستطاع التوفيق بين كل مهامي كأم وزوجة وكمحترفة في مجال العطور والبخور و الخروج بافضل النتائج بكل المجالات. الإحساس بالتعب يختفي تماما عندما أقوم بتحضير منتج جميل و بالأخص عند إبداء الزبائن إعجابهم بمنتوجاتي و الإعلان عنها.. وفوق كل ذلك حب ودعم عائلتي .
سألتها : نزين ايش حلمش.. أو هدفش اللي باغية تحقّقيه؟
قالت بتنهيدة : أكيد هدفي هو انه علامتي التجارية تكون من العلامات المعروفة و القوية بالعالم. أولاً لأني أمثّل بلدي و هويّتي ثانيا لأني أبغى أكون سبب في غرس السعادة و الفرحة في الناس من خلال عطوري و خلطاتي..
سألتها عن فكرة علامتها التجارية و قالت:
الفكرة مستوحاة من المجمر للبخور و إسم كاذية -من ضمن معانيها- (جميلة الرائحة وغالية الثمن) فأصبحت كلمة كاذية وكأنها البخور الخارج من المجمر . واستشرت عائلتي ولاقت الفكرة قبولهم وإستحسانهم.
هدفي أيضا أن أفتتح محل تجاري خاص للعطور و البخور تحت إسم (كاذية للبخور و العطور). وأن ارى محلّاتي بكل المجمعات التجارية بالسلطنة و خارج السلطنة.
وما الذي يمنعك من تحقيق ذلك؟
قالت: لا شيء يمنعني إنّما يجعلني مترددة في تحقيق مثل هذه الخطوة الكبيرة لأنني مثل ما أخبرتك احب ان احافظ على الجودة العالية التي تتميّز بها منتجاتي, وفتحي لمحل تجاري يليق بالشعب العماني الجميل و الشعوب الاخرى قد يكلّفني الكثير مما قد يؤثّر ذلك على الجودة.. لذا أرتأيت بأن اخذ وقتي في التفكير وفي الاجتهاد وعسى ان يتحقق هدفي في يوم من الأيام. لا أحب المجازفة خصوصا عندما يمسّ النوعية و قد يزعج زبائني.. الجودة بالنسبة لي هو ما يميّزني..
                                                                         إنتهى الحوار..
حاليا أم يعرب تستعين ببعض المحلّات التجارية لعرض وبيع منتجاتها الرائعة ولكنني بالفعل أتمنى من كل قلبي أن أرى هذا الجهد و الإصرار و الحب والإخلاص وجودة المنتوجات العالية أن يرى النور من خلال أسواقنا و المجمعات التجارية بجانب محلات العطور الكبرى المبدعين في مجالهم.. مع العلم بأن منتجاتها تصل الى زبائنها بدول الخليج ومؤخّرا إلى زبائنها في اوروبا. أريد أن أرى علامة تجارية عمانية تشق طريقها نحو عالم العطور و البخور , بجذور ثابتة تمتد أصالتها لتصل أقاصي البلاد.
ألا يستحق هذا العمل العالي الجودة الدعم من الجهات الخاصة و العامة من خلال التعاون معها وإبراز منتوجاتها.
 #عمانية_وأفتخر
#مسؤولية_مجتمعية
#كلنا_عمان